إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. logo    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
shape
كتاب التوحيد للإمام محمد بن عبد الوهاب
8199 مشاهدة print word pdf
line-top
الجمع بين الخوف والرجاء

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الإمام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله تعالى- في كتاب التوحيد: باب قول الله -تعالى- أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ وقوله: وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل عن الكبائر فقال: الشرك بالله ، واليأس من روح الله ، والأمن من مكر الله وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: أكبر الكبائر الإشراك بالله، والأمن من مكر الله، والقنوط من رحمة الله، واليأس من روح الله رواه عبد الرزاق والله أعلم.


بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هذا الباب معقود لهذه الكبائر -كبائر الذنوب- ومنها: الإشراك بالله، يعني: عموم الشرك بالله من أكبر الكبائر، ومنها الأمن من مكر الله، واليأس من روح الله، والقنوط من رحمة الله.
وذلك أن من العبادات عبادة الرجاء، ومن العبادات عبادة الخوف، وقد تقدم ذكر عبادة الخوف، واكتفى بهذا الباب عن ذكر عبادة الرجاء، والمسلم يكون جامعا بين الخوف والرجاء؛ فلا يجوز له أن يغلِّب الرجاء، ولا أن يغلِّب الخوف؛ بل يحرص على أن يجمع بينهما، جمع الله -تعالى- بينهما في آيات مثل قوله -تعالى- إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا رغبًا ورهبًا. الرَّغَب هو: الرجاء، والرَّهَب هو: الخوف، ومثل قوله -تعالى- أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ فجمع بينهما، يرجون رحمة الله، ويخافون عذابه؛ وذلك لأن الله -تعالى- إذا ذكر أسباب الخوف ذكر بعدها أسباب الرجاء؛ حتى لا يعتمد واحد على إحداهما، ومثال ذلك ذكر آيات الثواب بعد آيات العقاب. يحدث هذا كثيرًا كقوله -تعالى- وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ ذكر أنه واسع المغفرة، وأنه شديد العقاب؛ حتى يخاف ويرجو، ومثل قول الله -تعالى- نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ فجمع بينهما في الآيتين، ومثل قوله: إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ في آيتين متواليتين، وقد يكون في آية كقوله -تعالى- غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ هكذا ذكر العقاب بعد الثواب؛ لئلا يتعلق رجل أو إنسان بأحدهما دون الآخر؛ بل عليه أن يجمع بينهما.
فالذي يتعلق بالرجاء ويُغلبه يصل إلى الأمن، يكون آمنا من مكر الله، والذي يتعلق بالخوف ويغلبه؛ يصل إلى اليأس، يكون آيسًا من روح الله، فَكِلَا الأمن واليأس من كبائر الذنوب؛ بل يجب عليه أن يجمع بينهما؛ هكذا ذكر العلماء، وعليه أن يعرف الأسباب؛ أسباب تحمله على الرجاء، وأسباب تحمله على الخوف.

line-bottom